فصل: من الحوادث السماوية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» (نسخة منقحة)



.من الحوادث السماوية:

أن في تلك الليلة وهي ليلة الأربعاء ثاني عشرينه احمرت السماء بالسحاب عند غروب الشمس حمرة مشوبة بصفرة ثم انجلت وظهر في أثرها برق من ناحية الجنوب في سحاب قليل متقطع وازداد وتتابع من غير فاصل حتى كان مثل شعلة النفط المتوقدة المتوجة بالهواء واستمر ذلك الى ثالث ساعة من الليل ثم تحول الى جهة المغرب وتتابع لكن بفاصل على طريقة البرق المعتاد واستمر الى خامس ساعة ثم أخذ في الاضمحلال وبقي أثره غالب الليل وكان ذلك ليلة سادس عشرين درجة من برج الميزان وحادي عشر بابه القبطي وثامن تشرين أول الرومي ولعل ذلك من الملاحم المنذرة بحادث من الحوادث.
وفيه، ورد الخبر بورود مركب من فرانسا وبها الجي وقنصل وصحبتهما عدة فرنسيس فعمل لهم الانكليز شنكاً ومدافع بالإسكندرية فلما كان ليلة الثلاثاء ثامن عشرينه وصل ذلك الألجي لملاقاتهم خازنداره وصحبته عدة عساكر خيالة وبأيديهم السيوف المسلولة فقابلوهم وضربوا لهم مدافع من بولاق والجيزة والأزبكية وركبوا الى دار أعدت لهم بحارة البنادقة وحضروا في صبحها الى عند الباشا وقابلوه وقدم لهم خيلاً معدة وأهدى لهم هدايا وصاروا يركبون في هيئة وأبهة معتبرة وكان فيهم جبير ترجمان بونابارته.
وفيه، وردت الأخبار بأن الغز القبالي نهبوا بلاد الفيوم وقبضوا أموالها ونهبوا غلالها ومواشيها وحرقوا البلاد التي عصت عليهم وقتلوا ناسها حتى قتلوا من بلدة واحدة مائة وخمسين نفراً وأما العثمانية الكائنون بالفيوم فإنهم تحصنوا بالبلدة وعملوا لهم متاريس بالمدينة وأقاموا داخلها.

.شهر رجب الفرد سنة 1217:

استهل بيوم الجمعة فيه رموا أساس عمارة الباشا وكان طلب من الفلكيين أن يختاروا له وقتاً لوضع الأساس، ففعلوا ذلك وكان بعد اثني عشر يوماً من يوم تاريخه فاستبعده وأمر برمي الأساس في اليوم المذكور.
ورب النجم يفعل ما يشاء.
وفيه، أحضروا أربعة رؤوس فوضعت عند باب الباشا زعموا أنهم من قتلى الغز المصرلية.
وفي خامسه، يوم الثلاثاء سافر الألجي الفرنساوي وأصحابه فنزلوا الى بولاق وأمامهم مماليك الباشا بزينتهم وهم لابسون الزروخ والخود وبأيديهم السيوف المسلولة وخلفهم العبيد المختصة بالباشا وعلى رؤوسهم طراطير حمر وبأيديهم البنادق على كواهلهم فلم يزالوا صحبتهم حتى نزلوا ببيت راشتو ببولاق، ثم رجعوا ثم نزلوا المراكب الى دمياط وضربوا لهم مدافع عند تعويمهم السفن.
وفيه، أشيع انتشار الأمراء القبالي الى جهة بحري وحضروا الى إقليم الجيزة وطلبوا منها الكلف حتى وصلوا الى وردان.
وفيه، حضر محمد كتخدا المعروف بالزربة الذي كان كتخدا الباشا وتقدم أنه كان أمره بالسفر الى قبلي فامتنع وأذن له بالسفر الى البحيرة محافظاً فلما تقدم طوائف الأمراء الى بحري فمر منهم جماعة قليلة على محمد كتخدا الزربة المذكور فلم تيعرض لهم مع قدرته على تعويقم فبلغ الباشا ذلك فحقدها عليه وأرسل إليه وطلبه الى الحضور فحضر فلما كان يوم السبت تاسعه طلبه الباشا في بكرة النهار فلما أحضر بقتله فنزل به العسكر ورموا رقبته عند باب الباشا ثم نقلوه الى بين المفارق قبالة حمام عثمان كتخدا فاستمر مرمياً عرياناً الى قبيل الظهر ثم شالوه الى بيته وغسلوه في حوش البيت سكنه ودفنوه وعند موته أرسل الدفتردار فختم على داره وأخرج حريمه وفي ثاني يوم أحضروا تركته ومتاعه وباعوا ذلك ببيت الدفتردار.
وفيه، وردت مكاتبات من الديار الرومية وفيها الخبر بعزل شريف أفندي الدفتردار وولاية خليل أفندي الرجائي المنفصل عن الدفتردارية عام أول فحزن الناس لذلك حزناً عظيماً فإن أهل مصر لم يروا راحة من وقت دخول العثمانية الى مصر بل من نحو أربعين سنة سوى هذه السنة التي باشرها هو فإنه أرضى خواطر الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغني وصرف الجامكية وغلال الأنبار عيناً وكيلاً وكان كثير الصدقات ويحب فعل الخير والمعروف وكان مهذباً في نفسه بشوشاً متواضعاً وهو الذي أرسل يطلب الاستعفاء من الدفتردارية لما رأى من اختلال أحكام الباشا.
وفي يوم الإثنين حادي عشره، عدى يوسف كتخدا الباشا الى بر انبابة وعدى معه الكثير من العسكر ونصب العرضي ببر انبابة على ساحة البحر وأشيع وصول الأمراء الى ناحية الجسر الأسود وقطعوا الجسر لأجل تصفية المياه وانحدارها من الملق لأجل مشي الحافر ثم رجعوا الى ناحية المنصورية وبشتيل واستمر خروج العساكر العثمانية التي كانت جهة قبلي الى بر انبابة وهم كالجراد المنتشر ونصبوا وطاقهم ظاهر انبابة واستمر خروج العساكر والطلب ونقل البقسماط والجبخانة على الجمال والحمير ليلاً ونهاراً وأخذوا المراكب ووسقوها معهم في البحر وغصبوا ما وجدوه من السفن قهراً وانتشرت عساكرهم وخيامهم ببر انبابة حتى ملأوا الفضاء بحيث يظن الرائي لهم أنهم متى تلاقوا مع الغز المصرلية أخذوهم تحت أقدامهم لكثرتهم واستعدادهم بحيث كان أوائل العرضي عند الوراريق وآخرهم بالقرب من بولاق التكر ورطولا ثم أن الأمراء رجعوا الى ناحية وردان والطرانة.
وفي يوم الجمعة خامس عشره، انتقل العرضي من بر انبابة وحلوا الخيام وفي ثاني يوم خرجت عساكر خلافهم ونصبت مكانهم وسافروا وخرج خلافهم وهكذا دأبهم في كل يوم تخرج طائفة بعد أخرى.
وفيه، رسم الباشا بألف أردب فتح أنعام تفرق على طلبة العلم المجاورين والأروقة بالجامع الأزهر ففرقت بحسب الأغراض وأنعم أيضاً بعد أيام بألف أردب أخرى فعل بها كذلك.
وإنها خطرات من وساوسه ** يعطي ويمنع لا بخلاً ولا كرما

وفي يوم الأحد سابع عشره، وصلت جماعة ططر وأخبروا بتقليد شريف محمد أفندي الدفتردار ولاية جدة.
وفي يوم الثلاثاء تاسع عشره، خرج طاهر باشا ونصب وطاقه جهة انبابة للمحافظة وخرجت عساكره ونصبت وطاقاتهم ببر انبابة أيضاً متباعدين عن بعضهم البعض واستمروا على ذلك.
وفي يوم الجمعة ثاني عشرينه، حضر رجل من طرف الدولة يقال له حجان وهو رجل عظيم من أرباب الأقلام وعلى يده فرمان فأرسل الباشا الى شريف أفندي الدفتردار والقاضي والمشايخ وجمعهم بعد صلاة الجمعة وقرئ عليهم ذلك الفرمان وهو خطاب الى حضرة الباشا وملخصه أننا اخترناك لولاية مصر لكونك ربيت بالسراية، ولما نعلمه منك من العقل والسياسة والشجاعة وأرسلنا إليك عساكر كثيرة وأمرناك بتقال الخائنين وإخراج الأربعة أنفار من المناصب في غير إقليم مصر وإكرامهم غاية الإكرام إن امتثلوا الأوامر السلطانية وأطلقنا لك التصرف في الأموال الميرية لنفقة العسكر واللوازم وما عرفناه موجب تأخير أمرهم لهذا الوقت فإن كان لقلة العساكر أرسلنا إليك كذلك إن لم يمتثلوا وكل من انضم إليهم كان مثلهم ومن شذ عنهم وطلب الأمان فهو مقبول وعليه الأمان الى آخر ما ذكر من ذلك المعنى.
وفي يوم السبت ثالث عشرينه، كتبت أوراق بمعنى ذلك وألصقت بالطرقات.
وفي خامس عشرينه، تواترت الأخبار بوقوع معركة بين العثمانيين والأمراء المصرلية بأراضي دمنهور وقتل من العساكر العثمانية مقتلة عظيمة وكانت الغلبة للمصرليين وانتصروا على العثمانيين وصورة ذلك أنه لما تراءى الجمعان واصطفت عساكر العثمانيين الرجالة ببنادقهم واصطفت الخيالة بخيولهم وكان الألفي بطائفة من الأجناد نحو الثلاثمائة قريباً منهم وصحبتهم جماعة من الانكليز، فلما رأوهم مجتمعين لحربهم قال لهم الانكليز ماذا تصنعون قالوا نصدمهم ونحاربهم قال الانكليز انظر واما تقولون إن عساركرهم الموجهين إليكم أربعة عشر ألفاً وأنتم قليلون قالوا النصر بيد الله فقالوا دونكم فساقوا إليهم خيولهم، واقتحموا الى الخيالة فقتل منهم من قتل فانهزم الباقون وتركوا الرجالة خلفهم، ثم كروا على الرجالة فلم يتحركوا بشيء وطلبوا الأمان فساقوا منهم نحو السبعمائة مثل الأغنام وأخذوا الجبخانة والمدافع وغالب الحملة والانكليز وقوف على علوة ينظرون الى الفريقين بالنظارات، فلما تحقق الباشا ذلك اهتم في تشهيل عساكر ومدافع وعدوا الى بر انبابة ونصبوا وطاقهم هناك. وانتقل طاهر باشا الى ناحية الجيزة.

.شهر شعبان سنة 1217:

استهل شهر شعبان بيوم السبت وفيه شرعوا في عمل متاريس جهة الجيزة وقبضوا على أناس كثيرة من ساحل مصر القديمة ليسخروهم في العمل.
وفيه حضر الكثير من العساكر المجاريح وجمع الباشا النجارين والحدادين، وشرع في عمل شركفلك فاشتغلوا فيه ليلاً ونهاراً حتى تمموه في خمسة أيام وحملوه على الجمال وأنزلوه المراكب وسفروه الى دمنهور.
في سادسه وفي عاشره كتبوا عدة أوراق وختم عليها المشايخ ليرسلوها الى البلاد خطا بالمشايخ البلاد والعربان مضمونها معنى ما تقدم وكتبوا كذلك نسخاً وألصقت بالأسواق، وذلك بإشارة بعض قرناء الباشا المصرلية وهي بمعنى التحذير والتخويف لمن يسالم الأمراء المصرلية وخصوصاً المغضوب عليهم مطرودين السلطنة العصاة الى آخر معنى ما تقدم.
وفي هذه الأيام كثرت الغلال حتى غصت بها السواحل والحواصل ورخص سعرها حتى بيع القمع بمائة وعشرين نصفاً الأردب واستمرت الغلال معرمة في السواحل ولا يوجد من يشتريها، وكان شريف أفندي الدفتردار أنشأ أربعة مراكب كبار لغلال الميري، ولما حصلت النصرة للمصرلية على العثمانية خصوصاً هذه المرة مع كثرتهم وقوتهم واستعدادهم ضبغوا فيها واحتكروها، ووقفوا على سواحل النيل يمنعون الصادر والوارد منهم ومن غيرهم، وأما الباشا فإنه سخط على العساكر وصار يلعنهم ويشتمهم في غيابهم وحضورهم.
وفيه حضرت جماعة من أشراف مكة وعلمائها هروبا من الوهابيين وقصدهم السفر الى اسلامبول يخبرون الدولة بقيام الوهابيين ويستنجدون بهم لينقذوهم منهم ويبادروا لنصرهم عليهم فذهبوا الى بيت الباشا والدفتردار وأكابر البلد وصاروا يحكون ويشكون وتنقل الناس أخبارهم وحكاياتهم.

.شهر رمضان المعظم سنة 1217:

عملت الرؤية ليلة الأحد وركب المحتسب ومشايخ الحرف على العادة ولم ير الهلال، وكان غيماً مطبقاً فلزم إتمام عدة شعبان ثلاثين يوماً فانتدب جماعة ليلة الأحد وشهدوا أنهم رأوا هلال شعبان ليلة الجمعة فقبله القاضي وحكم به تلك الليلة على أن ليلة الجمعة التي شهدوا برؤيته فيها لم يكن للهلال وجود البتة وكان الاجتماع في سادس ساعة من ليلة الجمعة المذكور بإجماع الحساب والدساتير المصرية والرومية على أنه لم ير الهلال ليلة السبت الأحد يد البصر في غاية العسر والعجب وشهر رجب كان أوله الجمعة وكان عسر الرؤية أيضاً وأن الشاهد بذلك لم يتفوه به إلا تلك الليلة فلو كانت شهادته صحية لأشاعها في أول الشهر ليوقع ليلة النصف التي هي من المواسم الإسلامية في محلها حيث كان حريصاً على إقامة شعائر الإسلام.
وفيه حضرت جماعة من أشراف مكة وغيرها.
وفي خامس عشرينه، حضر خليل أفندي الرجائي الدفتردار في قلة من أتباعه وترك أثقاله بالمراكب وركب من مدينة فوة، وحضر على البر وذلك بسبب وقوف جماعة من الأمراء المصرلية ناحية النجيلة يقطعون الطريق على المارين في المراكب ولما حضر نزل ببيت إسمعيل بك بالأزبكية.
وفي غايته وقع ما هو أشنع مما وقع في غرته، وذلك أن ليلة الإثنين غايته، كان بالسماء غيم مطبق ومطر ورعد وبرق متواتر وأوقدت قناديل المنارات والمساجد وصلى الناس التراويح واستمر الحال الى سابع ساعة من الليل وإذا بمدافع كثيرة وشنك من القلعة والأزبكية ولغط الناس بالعيد وذكروا أن جماعة حضروا من دمنهور البحيرة وشهدوا أنهم رأوا هلال رمضان ليلة السبت فذهبوا الى بيت الباشا فأرسلهم القاضي فتوقف القاضي في قبول شهادتهم فذهبوا الى الشيخ الشرقاوي فقبلهم، وأيدهم وردهم الى القاضي وألزمه بقبول شهادتهم فكتبوا بذلك إعلاماً الى الباشا وقضوا بتمام عدة رمضان بيوم الأحد ويكون غرة شوال صبحها يوم الإثنين وأصبح الناس في أمر مريج منهم الصائم ومنهم الفاطر فلزم من ذلك أنهم جعلوا رجب ثمانية وعشرين يوماً وشعبان تسعة وعشرين وكذلك رمضان والأمر لله وحده.

.شهر شوال سنة 1217:

كان أوله الحقيقي يوم الثلاثاء وجزم غالب الناس المفطرين بقضاء يوم الإثنين.
وفي خامسه، وصلت أثقال خليل أفندي الرجائي الدفتردار.
وفيه طلبوا ألف كيس سلعة من التجار وأرباب الحرف فوزعت وقبضت على يد السيد أحمد المحروقي وهي أول حادثة وقعت بقدوم الدفتردار.
وفي يوم الخميس عاشره، نصب جاليش شريف باشا المعبر عنه بالطوخ عند بيته بالأزبكية وضربت له النوبة التركية وأهدى له الباشا خياماً كثيرة وطقماً ولوازم.
وفي يوم الإثنين ثاني عشرينه، كان خروج أمير الحاج بالموكب والمحمل المعتاد الى الحصوة وكان ركب الحجاج في هذه السنة عالماً عظيماً، وحضر الكثير من حجاج المغاربة من البحر وكذلك عالم كثير من الصعيد وقرى مصر البحرية والأروام وغير ذلك.
وفي يوم الخميس خامس عشرينه، خرج شريف باشا في موكب جليل ونصب وطاقه عند بركة الشيخ قمر فأقام به الى أن يسافر الى جدة من القلزم، وانتقل خليل أفندي الرجائي الدفتردار الى دار شريف باشا بالأزبكية.
وفي غايته، حضر أولاد الشريف سرور شريف مكة هروباً من الوهابيين ليستنجدوا بالدولة فنزلوا ببيت المحروقي بعدما قابلوا محمد باشا والي مصر وشريف باشا والي جدة.

.شهر ذي القعدة الحرام سنة 1217:

استهل بيوم الأربعاء فيه تقدم الناس بطلب الجامكية فأمرهم الدفتردار بكتابة عرض حالات فثقل عليهم ذلك فقالوا إننا كتبنا عرضحالات في السنة الماضي، وأخذنا سنداتنا من الدفتردار المنفصل ودفع لنا سنة ستة عشر فقيل لهم إنه دفع لكم سنة معجلة والحساب لا يكون إلا من يوم التوجيه فضجوا من ذلك وكثر لغط الناس بسبب ذلك وأكثروا من التشكي من الدفتردار.
وفي سادسه، اجتمع الكثير من النساء بالجامع الأزهر وصاحوا بالمشايخ وأبطلوا دروسهم فاجتمعوا بقبلته، ثم ركبوا الى الباشا فوعدهم بخير حتى ينظر في ذلك وبقي الأمر وهم في كل يوم يحضرون وكثر اجتماعهم بالأزهر وباب الباشا فلم يحصل لهم فائدة من ذلك سوى أن رسم لهم بمواجب آخر سنة تاريخه معجلة، ولم يقبضوا منها إلا ما قل بسبب تتابع الشرور والحوادث.
وفي حادي عشره يوم السبت ارتحل شريف باشا الى بركة الحج متوجهاً الى السويس.
وفيه ارتحل حجاج المغاربة وكانوا كثيرين فسافر أغنياؤهم والكثير من فقرائهم من طريق البر وآخرون من السويس على القلزم.
وفي رابع عشره، حضر ططريات الى الباشا وعلى يدهم شالات شريفة وبشارة بتقريره على السنة الجديدة وزيد له تشريف تترخانية ومعناه مرتبة عالية في الوزارة فضربوا شنكاً ومدافع متوالية يومين.
وفيه أشيع انتقال الأمراء المصرلية من جهة البحيرة وقبلوا الى ناحية الجسر الأسود وأشيع أيضاً أن جماعة منهم نزلوا بصحبة جماعة من الانكليز الى البحر قاصدين التوجه الى اسلامبول وانتقل كتخدا بك خلفهم بعساكره ولكن لم يتجاسروا على الإقدام عليهم.
وفيه وصلت الأخبار من الجهات الشامية بهروب محمد باشا أبي مرق من يافا واستيلاء عساكر أحمد باشا الجزار عليها وذلك بعد حصاره فيها سنة وأكثر.
وفي رابع عشره، حضر كتخدا الباشا وتقدم الأمراء المصرلية الى جهة قبلي حتى عدوا الجيزة وحصل منهم ومن العساكر العثمانية الضرر الكثير في مرورهم على البلاد من التفاريد والكلف ورعي الزروع وقطع الطرق براً وبحراً وكان أغات الجو الى القبلية وهو نجيب أفندي كتخدا الدفتردار وصحبته أرباب مناصب عدوا الى الجيزة متوجهين الى الصعيد ونصبوا خيامهم ببر الجيزة فصادفوهم وهجموا عليهم وقتلوا منهم من وجدوه وهرب الباقون. فاستولوا على خيامهم ووطاقهم، وكذلك كتخدا الدفتردار خرج الى مصر القديمة متوجهاً الصعيد لقبض الغلال والأموال فاستمر مكانه وتأخر لعدم المراكب وخوفاً من المذكورين.
وفيه ورد الخبر بنزول شريف باشا الى المراكب بالقلزم يوم الخميس سادس عشره.
وفي يوم الأربعاء ثاني عشرينه، طلبوا أيضاً خمسة آلاف كيس سلفة من التجار ثلاثة آلاف كيس ومن الملتزمين ألفا كيس وشرعوا في توزيعها فانزعج الناس وأغلق أهل الغورية حوانيتهم وكذا خلافهم وهرب أهل وكالة الصابون الى الشام على الهجن واختفى أكثر الناس مثل السكرية وأهل مرجوش وخلافهم فطلبهم المعينون ولزموا بيوتهم وسمروا مطابخ السكر وكذلك عملوا فردة على البلاد أعلى وأوسط وأدنى الأعلى خمسمائة ريال والأوسط ثلثمائة والأدنى مائة وخمسون.
وفيه تحقق الخبر بنزول طائفة الانكليز وسفرهم من ثغر الإسكندرية في يوم السبت حادي عشره ونزل بصحبتهم محمد بك الألفي وصحبته جماعة من أتباعه.
وفي خامس عشرينه، حضر أحمد باشا والي دمياط وكانوا أرسلوا له طوخاً ثالثاً وأنه يحضر ويتوجه لمحافظة مكة وكذلك قلدوا آخر باشاوية المدينة يسمى أحمد باشا وضعوا لهما عسكراً يسافرون صحبتهم للمحافظة من الوهابيين وأخذوا في التشهيل.
وفي هذه الأيام كثر تشكي العسكر من عدم الجامكية والنفقة فإنه اجتمع لهم جامكية نحو سبعة أشهر، وقد قطع عليهم الباشا رواتبهم وخرجهم لقلة الإيراد وكثرة المطلوبات وكراهته لهم فصار كبراؤهم يرترددون ويكثرون من مطالبة الدفتردار حتى كان يهرب من بيته غالب الأيام وأشيع بالمدينة قيام العسكر وأنهم قاصدون نهب أمتعة الناس فنقل أهل الغورية وخلافهم بضائعهم من الحوانيت وامتنع الكثير منهم من فتح الحوانيت وخافهم الناس حتى في المرور. وخصوصاً أوقات المساء فكانوا إذا انفردوا بأحد شلحوه من ثيابه وربما قتلوه، وكذلك أكثروا من خطف النساء والمردان.
وفي ليلة الثلاثاء ثامن عشرينه، كان انتقال الشمس لبرج الحمل وأول فصل الربيع، وفي تلك الليلة هبت رياح شمالية شرقية هبوباً شديداً مزعجاً واستمرت بطول الليل قبل افجر اشتد هبوبها، ثم سكنت عند الشروق وسقط تلك الليلة دار بالحبالة بالرميلة ومات بها نحو ثلاثة أشخاص وداران أيضاً بطولون وغير ذلك حيطان وأطارف أماكن قديمة، ثم تحولت الريح غربية قوية واستمرت عدة أيام ومعها غيم ومطر.
وفيه وصل الأمراء المصرلية الى الفيوم فأخذوا كلفاً ودراهم كثيرة فردوها على البلاد، ثم سافروا الى الجهة القبلية.
وفيه ورد الخبر بأن المراكب التي بها ذخيرة أمير الحاج بالقلزم المتوجهة الى الينبع والمويلح، غرقت بما فيها ومركب الجميعي من جملتها.
وفيه حضر مصطفى بينباشا الذي كان أيام الوزير بمصر الى بلبيس وهو موجه بطلب مبلغ دراهم فأقام ببلبيس حتى أرسلوها له، ثم ذهب الى دمياط وصحبته نحو الأربعمائة من الأرنؤد ليسافر من البحر.
وفيه توجه المحروقي والكثير من الناس لزيارة سيدي أحمد البدوي لمولد الشرنبلالية وأخذ معه عدة كثيرة من العسكر خوفاً من العربان، ووصل إليه فرمان بطلب دراهم من أولاد الخادم ومن أولاد البلد فدلوا على مكان لمصطفى الخادم فاستخرجوا منه ستة آلاف ريال وطلبوا من كل واحد من أولاد عمه مثلها.